بقلم: حسن فقير
في خضم احتفالات الشعب المغربي بالذكرى المجيدة لعيد العرش، أبت المديرية الإقليمية للثقافة بالجديدة وسيدي بنور إلا أن تشارك بطريقتها الخاصة، حيث نظّمت معرضًا مميزًا للفنان التشكيلي الكبير محمد مراحي، وذلك بفضاء “بالحمدونية” التاريخي في قلب الحي البرتغالي لمدينة الجديدة، خلال الفترة الممتدة من 30 يوليوز إلى 12 غشت 2025.
لم يكن هذا المعرض مجرد عرض للوحات فنية، بل كان فضاءً للحوار بين الريشة والروح، وبين اللون والانطباع، وبين الفنان والجمهور. لقد بدا واضحًا منذ الافتتاح – الذي حضرته رفقة ثلاث زملاء من الجسم الصحفي بمدينة آزمور – أن هذا الموعد الفني يحمل نَفَسًا استثنائيًا ودفئًا إنسانيًا لا يُخطئه الزائر.
لوحات الفنان محمد مراحي لم تكن مجرد أعمال على القماش، بل كانت نوافذ مفتوحة على عوالم من الإبداع والتأمل والجمال الصادق. وقد تفاعل معها الزوار من مختلف الأعمار، وأغلبهم من أبناء الوطن القادمين إلى الجديدة لقضاء عطلتهم الصيفية. كانت الابتسامات ترتسم على وجوههم، وهم يلتقطون الصور إلى جانب لوحات أسرت أبصارهم وأدهشت قلوبهم.
لفتني في هذا المعرض أمران: أولهما براعة اختيار المواضيع والألوان، التي عكست نضج الفنان وتجربته الطويلة. وثانيهما، تواضع هذا الرجل ودماثة أخلاقه، وهو يجيب بعفوية على تساؤلات الزوار، ويبتسم في وجه الجميع، كبارًا وصغارًا، ملتقطًا صورًا معهم دون تكلّف.
محمد مراحي، هذا الفنان الإنسان، المتقاعد من عمله الإداري، لم يتقاعد من شغفه ولا من إبداعه. بل على العكس، ها هو يُبدع بكل حب وهدوء، ليمنحنا جرعة من الجمال الذي نحتاجه في زحمة الحياة. إنه يستحق كل كلمة طيبة، وكل تشجيع، وكل تقدير.
إنها دعوة مفتوحة لسكان المدينة وزوارها، لزيارة هذا المعرض الذي يكرّم الفن والفنان، ويعكس الوجه الثقافي الراقي للجديدة. فكل لوحة هناك تحكي قصة، وكل ريشة تنبض بحياة… وكل زائر يخرج منها بشيء من الدهشة، ومن الامتنان.