في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتزايد فيه الحاجة إلى فضاءات للتعبير والصفاء الداخلي، تبرز الفنانة التشكيلية الشابة سناء قرواش كصوت بصري مميز يحمل في طياته طاقة من الجمال، والصدق، والإنسانية، تقدم سناء فنا تجريديا معاصرا لا يسعى إلى إعادة تشكيل الواقع، بل إلى الغوص في عمق المشاعر الإنسانية والتجارب الوجودية.
تقول الفنانة سناء قرواش: “الفن بالنسبة لي هو وسيلة للتواصل، ليس فقط مع العالم الخارجي، بل أيضا مع ذاتي الداخلية، لا أبحث عن الكمال البصري، بل عن تأثير صادق يصل إلى المتلقي ويدفعه إلى التفاعل”. بهذا التصور، تُطلق سناء العنان للون والحركة كي يتحدثا بحرية، مستمدة إلهامها من مشاعرها العميقة، من لحظات التأمل، ومن سكون الصمت الذي يمنحها وضوحا داخليا ورؤية فنية نقية.
تتميز لوحات الفنانة سناء باستخدام ألوان زاهية ودافئة، أبرزها البرتقالي، الذي يحتل مكانة خاصة في أعمالها، إذ ترى فيه رمزا للأمل، والطاقة، والإنسانية. وتوضح الفنانة بالقول “كل لوحة عندي تبدأ بشعور، أترك يدي تقودني، فالفن بالنسبة لي ليس مجرد تشكيل، بل رحلة وجدانية”.
ليس غريبا أن تتقاطع رؤيتها الفنية مع دراستها في علم النفس، فهي تؤمن أن الفن يمكن أن يكون أداة للشفاء والتوازن النفسي، من هنا، تسعى سناء من خلال أعمالها إلى إعادة ربط المتلقي بمشاعره العميقة، وإلى ترجمة ما يصعب قوله بالكلمات عبر اللون والشكل.
وباعتبارها فنانة أمازيغية، تحمل سناء داخلها إرثا ثقافيا غنيا يتجلى في اختياراتها اللونية والإيقاع البصري داخل أعمالها، تقول بكل فخر: “أحرص على أن يحمل فني بُعدا روحيا عميقا مرتبطا بالأرض والحرية، فهويتي الأمازيغية تسكنني وتوجهني فنيا”.
وقد كانت تجربة سناء ومشاركتها في معرض دولي بألمانيا محطة فارقة في مسارها الفني، حيث عرضت أعمالها في فندق Comfort Hotel بمدينة مونهايم آم راين، بتنظيم من جمعية Wir in Monheim e.V.. جاء هذا الحدث في إطار دعم الحوار بين الثقافات وتعزيز الفنون العالمية، واعتبرته سناء “شرفا كبيرا أن تمثل المغرب من خلال أعمال تعكس رؤيتها الفنية وهويتها الثقافية”، وقد لاقت لوحاتها التي تمزج بين التجريد والمشاعر الإنسانية تجاوبا واسعا من الجمهور، بحضور شخصيات بارزة من بينها القنصل المغربي بألمانيا وعمدة المدينة.
وتعتبر الفنانة سناء هذه المشاركة من أجمل التجارب الفنية التي عاشتها، وصوتا بصريا يحمل روح المغرب إلى جمهور دولي متنوع، وهي تتطلع إلى تنظيم معرض فردي قريبا في مدينة الرباط، كخطوة جديدة في مسيرتها الطموحة.
سناء قرواش لا ترسم لمجرد الرسم، بل ترسم لتعبر وتُشعر وتُداوي، واضعة نصب عينيها هدفا أسمى: أن يصل فنها إلى قلوب الناس، وأن تدمج مستقبلا بين الفن وعلم النفس في مشاريع علاجية تلامس عمق الإنسان.