صناعة التفاهة الأفيون الجديد للشعوب….

azpresse أزبريس الإخبارية20 يوليو 2021آخر تحديث :
صناعة التفاهة الأفيون الجديد للشعوب….

حنان سريمس صحفية متدربة

  
يعيش العالم اليوم تطورا غير مسبوق، شمل جميع مناحي الحياة ،كما ساهم التقدم العلمي والتكنولوجي في توفير  كَمّ هائل من المعلومات والأخبار والتقنيات. وأصبح من السهل الولوج إليها من خلال أجهزة إلكترونية مختلفة و عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن فئة كبيرة من شرائح المجتمع تستغل الجانب السلبي لهذه الأجهزة والخدمات، مما يشكل إساءة لهم ولمحيطهم ومجتمعهم.                                
   وأصبحت تلك التقنيات والخدمات أدوات لهدم الأخلاق والثقافة المجتمعية والسلم المجتمعي، وظهرت عادات سيئة وثقافة هابطة ومستويات أخلاقية منحطة ورديئة ،من قبل بعض التافهين الذين يسمون اليوم بالمشاهير والنجوم والذين يروجون  لتفاهات وسخافات وانحطاط أخلاقي لا حدود لها ،فباتوا يتصدرون المشهد اليوم ،ويقودون أجيال الشابات والشباب حتى أصبحوا قدوة لهم .
صناعة التفاهة
تعرف التفاهة بانعدام القيمة والأهمية، ومن ضمن مرادفاتها الحقارة والدناءة والسطحية، فمتصدرو المشهد اليوم ، هم من التافهين الذين يبحثون عن الحضور والشهرة والمال والمنصب بأي شكل وبأي طريقة كانت، فالمهم لديهم هو الحصول على مرادهم.
 فتجد القنوات الفضائية والتلفزية تتسابق لاستضافتهم ، ويحتفى بهم في احتفالات ومهرجانات توزع فيها الألقاب والجوائز والمكافآت بل إنهم يصنفون على أنهم مشاهير. في نفس السياق عبر بعض المواطنين مما  التقتهم “جريدة أزبريس” خلال جولة استطلاعية حول موضوع صناعة ثقافة التفاهة، حيث يحمل محمد البالغ 46 سنة المسؤولية للمجتمع الذي يصنع من التافهين مشاهير ونجوما ،مردفا “تميع هادش.”
 فتراهم لا يخجلون من التلفظ بأية كلمة أو بتصوير أنفسهم بأي شكل كان أو تمثيل أو مشهد دون ضوابط اجتماعية ودون رقابة ذاتية وبدون الشعور بأي حرج اتجاه أنفسهم أو اتجاه المجتمع .يرفعون شعار كل شيء ممكن وكل شيء مباح بغرض زيادة عدد المتابعين وحصد المزيد من الإعلانات بغية تحقيق نسب مشاهدة عالية لزيادة أسعارهم الإعلانية، فكلما زادت تفاهاتهم زادت نجوميتهم ،ضاربين عرض الحائط القيم والأخلاق ،وتضيف  خديجة ربة بيت تبلغ من العمر 36 سنة معربة عن أسفها على الوضعية الراهنة لمنصات التواصل الاجتماعي التي أضحت تعج بمحتويات تافهة، تعبر عن قلة الأدب والوقاحة، وعرض أعراض الناس وكشف المستور ، وأبدت تخوفها على مستقبل أبنائها وانزلاقهم في هذا العالم التافه .مما ساهم حسب اعتقادها في ظهور نماذج وشخصيات سيئة سيرة وخلقا وممارسة، وبات ينظر إليها على أنها مثل أعلى تحديدا عند جيل الشباب الحالي الذي لديهم هوس مطلق بهم وجهل مطبق بأبسط قواعد الذوق والأخلاق .
فتصدير التافهين للمجتمع على أنهم قدوة، يعني إنتاج مزيد من الإنسان الفارغ، والذي بدوره سيكمل الطريق ويقلد ليصبح تافها آخر، وهكذا يتحول الأمر إلى منظومة من التافهين .وحسب ألان دونو مؤلف كتاب “نظام التفاهة “يدعم التافهون بعضهم بعضا فيرفع كل منهم الآخر، لتقع السلطة بيد جماعة تكبر باستمرار”.
والأكيد أن المطلع على السيرة الذاتية لهؤلاء التافهين، سيصدم من افتقارهم للقدرات المعرفية والعلمية، وللخبرات و المهارات فهم لا يمتلكون أية مقومات باستثناء توفرهم على الهاتف المحمول، الذي يشتمل على تطبيقات يبثون من خلالها تفاهاتهم، والغريب في الأمر أن لهم جمهورا يقدر بالملايين يتابع أخبارهم ،ومقاطع فيديو تحقق نسبة عالية من المشاهدات ،فأصبح عصر التقنيات والتطور عصر صناعة ثقافة التفاهة والتفنن بها ،و أضحت صناعة التفاهة بالنسبة لأولئك كنزا ومعينا لا ينضب. في حين عزى يونس 45 سنة انتشار ثقافة التفاهة في كون بعض مشاهير التفاهة يوظفون عناوين مضللة تدفع الناس وتثير فضولهم لاستكشاف المحتوى، وأردفت حسناء وهي فتاة شابة تبلغ من العمر 26 سنة، أنها تلجأ إلى المحتويات بدافع الفضول والتعرف على “الطوندونس”.
ويبقى الوعي بخطورة صناعة التفاهة والمحتويات الفارغة وأثرها على المنظومة الأخلاقية والقيمية بالمجتمع ،خير سبيل للتحصين ضد هذه الآفة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة